أخذت لين دونشيوي بضع ثوان للتفكير قبل أن تقول " لنستخرج التسجيلات و نتفقدهم بحثا عن وجودها "

رد تشينغ شي " جوابك مقنع قليلا لكن لا توجد كاميرات تسجيل في موقع الجريمة بقرب جسر آن فو، كما أن الجو كان مظلما و جودة التسجيلات ليس كافية لنميز أي شيء. لذا حتى ان استخرجنا التسجيلات لن نجد شيئا مهما "

تسائلت لين دونشيوي " هل يمكنك تذكر كيف تبدو ؟ "

تفادى تشينغ شي الجواب و ابتسم " كم مر من يوم على الحادثة ؟ "

" أربع أيام "

" كم من راكب سيلتقي به سائق مثلي على مدى أربع أيام بتقديرك ؟ حتى و ان حاولت التذكر فقد أخطأ بالوصف مما قد يظللنا عن مسعانا " ضم تشينغ شي يديه و قال " هيا بنا "

" الى أين ؟ "

" لنقابل تشينغ جون "

اتصلت لين دونشيوي بأحد زملائها لأخذ عنوان تشينغ جون الذي اتضح أنه يعمل في شركة أجنبية و يستأجر شقة مع بضع زملائه. عند وصلهما لمحل سكن تشينغ جون فتح لهم الباب شاب حسن المظهر و الهيئة، الذي تحدث بأعين محمرة " من الذي تبحثون عنه ؟ "

عرضت لين دونشيوي شارتها عليه و قالت " هل أنت تشينغ جون ؟ أود التحدث معك قليلا "

" تفضلي اذن "

المنزل كان فوضويا للغاية بحكم كونه منزلا مشتركا بين بضعة رجال. قادهما الشاب الذي فتح الباب الى غرفة نومه حيث سأله تشينغ شي بضع أسئلة أجاب تشينغ جون واحدا تلو الآخر.

ادعى أنه كان على علاقة رومانسية بجو مينشنغ منذ ثلاث سنوات، التقى الاثنان أول مرة في تجمع لبعض الأصدقاء المشتركين بينهما و قررا أن يلتقيا مرة أخرى بعد ذلك. بعد هذا اللقاء وجد الاثنان نفسيهما مهتمين بالشخص الآخر فقررا المواعدة.

عملت غو مينشينغ في شركة صيدلة و كانت جميلة للغاية مع جعل تشينغ جون يتباهى بها كل مرة يخرجان فيها و لم يعني هذا أنه لم يحبها بل كان يعشقها و ينوي الزواج بها.

" من كان ليظن أن شيء كهذا سيحدث ؟ من كان ليظن أنها ستقتل على يد سائق أجرة ؟ " بدأ تشينغ جون بالبكاء.

تجاهل تشينغ شي بكائه و سأل بهدوء " كيف كانت علاقات حبيبتك الخاصة ؟ هل كان يجمعك بها أصدقاء مشتركون ؟ "

بدأ تشينغ جون بذكرهم واحدا تلو الآخر بينما سجلهم تشينغ شي في مذكرة لين دونشيوي الصغيرة ، استرقت هذه الأخيرة النظر لما سجله تشينغ شي و لاحظت أن خطه كان منظما و جميلا كما لو أنه يرسم "

بعد أن سجل تشينغ شي كل الأسماء تسائل " هل هذا كل شيء ؟ هل لديها أية أصدقاء مقربون ؟ "

" بالطبع لكني لا أعرفهم ، لماذا تسأل ؟ "

" يجب أن نأخذ أدق التفاصيل حول الضحايا حين نحقق عن ما حصل لهم، بعيدا عن ذلك هل بامكانك جلب كأس ماء لي فقد جائني العطش ؟ "

" حسنا سأعود بعد دقيقة "

فور خروج تشينغ جون من الغرفة شرع تشينغ شي بالبحث بالأرجاء. همست لين دونشيوي له " ماذا تفعل ؟ لا يمكننا البحث بأغراضه دون مذكرة بحث "

" أنا لست شرطيا و لست مقيدا بنفس قواعدكم " وجد تشينغ شي بضع عبوات دواء في الدولاب و وضعهم فوق الطاولة. تردد صوت خطوات متجهة نحو الغرفة لذا قالت لين دونشيوي " لم لا زلت لم تعد كل شيء لمكانه ؟ "

تجاهلها تشينغ شي و اعتذر فور دخول تشينغ جون للغرفة " أنا آسف فقد كنت أتفقد غرفتك قليلا "

ظهر عدم الرضى على وجه تشينغ جون لكنه لم يعترض.

" هذه عبوات دواء و ان لم تخني الذاكرة فهي تخص علاج السيلان(1) أليس كذلك ؟ "

" السي....لان ؟ " نظرت لين دونشيوي للشاب اللطيف أمامها بغرابة.

" هذا...هذا..." عذ تشينغ جون على شفته و تلعثم بكلامه من شدة التوتر.

" أنا آمل أن لا تخبئ شيئا عنا فنحن لن نفضي بما قيل بهذه الغرفة لأي أحد "

" لق.. لقد أصبت بالسيلان " اعترف تشينغ جون.

" كيف أصبت بها ؟ "

" كان هنا ....اجتماع سنوي ... و قد أعطتنا الشركة علاوة لذا أصر بضع زملائي على أن أذهب معهم لذلك النوع من الأماكن...عندما عدت...شعرت بالحكة و الألم بالأسفل ..." تحدث تشينغ جون بحرج.

" لا زلت تكذب علينا، تعابيرك و حركات جسدك توضح لي أنك تكذب. توقف عن اخفاء الحقيقة و أجب "

احمر وجه تشينغ جون و قال " ما علاقة مرضي بقضية القتل ؟ ان أصبت بمرض أو ولا فهذا ليس من شأنك. من الواضح أن جو مينشينغ تم قتلها بواسطة ذلك السائق، لم لا تحققون معه و تزعجونني أنا ؟ "

" ذلك يعود لنا و بما أنك لا تود البوح بالحقيقة دعني أساعدك قليلا. أنت تحب خليلتك للغاية لذلك تحاول حمايتها لكنك تعلم أن السيلان انتقل لك منها أليس كذلك ؟ "

استمر تشينغ شي " أنت تحتفظ بصورتها على مكتبك و كل مرة تتحدث عنها عيناك تلمعان، من الواضح أنك تعشقها و لا تود أن تلطخ سمعتها لكنك تعلم أنها كانت فاسقة كما أنك تعلم أنها من نقلت المرض لك "

" توقف " رمى تشينغ جون كوب الماء " لا أريد سماعك تتحدث عنها بهاته الطريقة "

( آآه يا سيمب مش عايز تفوق ؟ )

أصيبت لين دونشيوي بالرعب بينما أشعل تشينغ شي سيجارته بهدوء و قال " غاضب ؟ يبدو أني لمست الوتر الحساس "

فتح تشينغ جون الباب و صرخ " لم يعد مرحب بكما هنا، فلتخرجا "

" لم جررتني لمشاكلك " همست لين دونشيوي بانزعاج واضح.

هز تشينغ شي رأسه " امرأة غير متزوجة في الخمسة و عشرين من عمرها ولها علاقات حميمية مع عدة رجال يثبت أن حياتها الاجتماعية معقدة أكثر مما تتخيل. موتها على الأغلب له علاقة بحالتك المرضية و في تلك الحالة اذا ذهبنا الآن ستتلقى زيارة من ضباط آخرين ليخبروك ’ نحن آسفون و لكن ليس بامكاننا اغلاق القضية بعد، يجب أن تستلم جثة حبيبتك ’ ان اردت أن تكون تلك هي النهاية فسنذهب الآن. الأمر ليس بالمهم لنا حقا فهذا عملنا فقط و لا تربطنا صلة بالضحية. لكن جو مينشينغ ستستمر بكرهك في الآخرة و سيفلت المجرم من العقاب و ربما تحدث جرائم مشابهة في الستقبل كذلك. كل هذا سيحدث لأنك لا تود التعاون معنا حفاظا على سمعتك "

بينما كان تشينغ شي في خضم سرد كل ما سبق حركت لين دونشيوي شفتيها لتخبره ’ توقف ’ لكنه تجاهلها كليا و استمر.

أحس تشينغ جون بالندم و الخوف و بدأ جسمه بالاهتزاز كي يعكس التقلبات التي شعر بها داخله، فجأة قام تشينغ جون باغلاق الباب بقوة و الجلوس مجددا ثم قال " لقد قلت...لا.. سأتحدث.. لقد.. لقد قامت باعطائي قبعة خضراء (2) باحدى المرات...بل أكثر من مرة واحدة ..."

" كيف اكتشفت الأمر ؟ " سأل تشينغ شي.

" في احدى المرات قام أحد زملائي باخباري أنه رآها تدخل لفندق ما مع رجل عجوز، بالطبع لم أصدقه بالبداية لكن الأمر ظل يزعجني و يمنعني من النوم لذا قمت بوضع متعقب في هاتفها و لحقت بها ذات يوم و أمسكت بها متلبسة لكن المضحك بالأمر أنها كانت مع رجل مختلف تلك الليلة "

" بالطبع تشاجرنا عند عودتها و طلبت منها ان ننفصل لكن في وجه دموعها رق قلبي و لم أستطع تركها. بعد ذلك استمر الوضع على حاله و استمرت هي بالنوم مع رجال مختلفين و تشاجرنا أكثر من مرة حول الأمر. مع مرور الوقت توقفت عن البكاء عندما نتحدث عن الموضوع و بدأت بالجدال معي دون منطقية قائلة أن قلبها سيظل ملكي حتى و ان أعطت جسدها لشخص آخر. أنا لم أصدقها لكنني أحببتها للغاية و لم أستطع اجبار نفسي على تركها حتى قامت..."

ابتسم تشينغ جون و هز رأسه " حتى قامت بنقل ذلك المرض المقزز لي "

-------------------------------------------------------------------------------------------------

(1) : مرض جنسي يتم تناقله عبر الأجهوة التناسلية.

(2) : مثل صيني حيث يتمثل اعطاء الزوج القبعة الخضراء في خيانته و أصل هذا المثل يعود لقصة صينية قديمة حيث يشاع أن هناك رجلا يعمل كثيرا و أصيبت زوجته بالملل وحدها بالمنزل فقامت بخيانته مع عدة رجال و كانت تعطي زوجها قبعة خضراء كاشارة منها للرجال الآخرين أن زوجها اتجه للعمل و لن يعود الى بآخر اليوم. هناك رواية أخرى للقصة تقول أن الزوج خرج مسرعا للعمل يوما و أخذ القبعة الخضراء التي تخص أحد الرجال التي تنام معهم زوجته دون أن ينتبه مما جعله أضحوكة.

2021/03/20 · 198 مشاهدة · 1317 كلمة
نادي الروايات - 2024